<table align="center" width="463"><tr><td height="15"> </td></tr><tr><td dir="rtl" align="center">
صفية بنت عبدالمطلب فارسة يوم الخندق </td></tr><tr><td dir="rtl" align="right" valign="top">
كانت السيدة صفية بنت عبد المطلب- عمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)- من المقربات إلى نفسه، وقد كانت بدورها من أشد المدافعين عن الدعوة الإسلامية، وقد ذكرها النبي (صلى الله عليه وسلم) في حديثه الذي يحث فيه الجميع على العمل؛ لأن كلاً منهم سيلقى الله وحده، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال حين أنزلت عليه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ): "يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم شيئًا، يا بني عبد المطلب، لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا صفية عمة رسول الله، لا أغني عنك من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب، لا أغني عنك من الله شيئًا، يا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئتِ لا أغني عنك من الله شيئًا"[متفق على صحته].
ولدت السيدة صفية بنت عبدالمطلب قبل مولد النبي بعام واحد في 570م، توفي والدها عبدالمطلب- جد النبي (صلى الله عليه وسلم)- وهي طفلة في التاسعة من عمرها، وتولى تربيتها أخوها أبو طالب؛ لأنه كان أبرز أخوتها وأرشدهم.
تزوجت صفية الحارث بن حرب بن أمية، وهو أخو أبي سفيان بن حرب، ولما مات عنها الحارث، تزوجت العوام بن خويلد، فولدت له الزبير بن العوام، والشائب بن العوام.
أسلمت السيدة صفية مع ولدها الزبير وأخيها حمزة، وبايعت النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهاجرت إلى المدينة، وكانت من أوائل المهاجرات، وما يذكر في ذلك أنه لم يختلف في إسلامها كما اختلف في إسلام غيرها من عمات الرسول (صلى الله عليه وسلم).
كان لها دور مهم في حماية جيوش المسلمين، ودحر الأحزاب في غزة الخندق، فقد كانت رضي اللَّه عنها مقاتلة شجاعة، ويذكر التاريخ لها أنها نالت شرف الصحبة، وروت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعض الأحاديث، ورُوي عنها، ويذكر لها أنها لما استشهد شقيقها حمزة، حزنت عليه حزنًا شديدًا، وعصف بها الحزن بعدما مثَّل المشركون بجثته بعد استشهاده، وكان مما قالته: "بلغني أنه مُثّل بأخي، وذاك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك! لأصبرن ولأحتسبن إن شاء الله"، وأتت صفية موضع استشهاد حمزة بأُحُد، فنظرت إليه، واستغفرت له، ثم عادت أدراجها تسترجع وتستغفر ولا تزيد.
وفي يوم غزوة الخندق كان لها دور كبير في إنقاذ جيش المسلمين من هلاك محقق، فعندما خرج المسلمون لغزوة الخندق أمام الأحزاب، أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بحماية النساء والضعفاء في أماكن آمنة داخل المدينة، وعندما تحالف بني قريظة مع الأحزاب قرر المتحالفون إبادة المسلمين، وكانت خطتهم هي تهديد بني قريظة لنساء المسلمين وشيوخهم وأطفالهم داخل المدينة، مما يدفع بالمسلمين للانسحاب من مواضعهم في الخندق؛ للدفاع عن ذويهم، وحينها يقتحم الأحزاب الخندق، ويهزمون المسلمين.
ولتنفيذ الخطة بعثت قريظة واحدًا من رجالها الأذكياء، فتسلل إلى الآطام التي فيها عوائل المسلمين، وكانت مهمته معرفة أماكن النساء والذراري، ومعرفة درجة حمايتهم، وكانت صفية حينها في حصن فارع لصاحبه حسان بن ثابت، فلمحت اليهودي، وأخذت عمودًا ونزلت من الحصن إليه وضربته بالعمود على رأسه بقوة حتى قتلته، وتذكر الروايات أنها حزت رأس ذلك اليهودي بسكين, وقذفت بالرأس من أعلى الحصن، فتدحرج على سفوحه حتى استقر بين أيدي اليهود الذين كانوا يتربصون في أسفله، ولما رأوا رأس صاحبهم قالوا لبعضهم: قد علمنا أن محمدًا لم يكن ليترك النساء والأطفال من غير حُماة.. ثم غادروا.
كانت السيدة صفية من شواعر العرب، وقد رثت أباها عبد المطلب فقالت:
أرقت لصوت نائحة بليل
على رجل بقارعة الصعيد
ففاضت عند ذلكم دموعي
على خدي كمنحدر الفريد
على رجل كريم غير وغل
له الفضل المبين على العبيد
وقالت تبكي أخاها حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه):
أسائلة أصحاب أحد مخافة
بنات أبي من أعجم وخبير؟
فقال الخبير: إن حمزة قد ثوى
وزير رسول الله خير وزير
دعاه إله الحق ذو العرش دعوة
إلى جنة يحيا بها وسرور
فذلك ما كنا نرجي ونرتجي
لحمزة يوم الحشر خير مصير
وقالت ترثي رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا
وكنت بنا برًا ولم تكن جافيًا
وكنت رحيمًا هاديًا ومعلمًا
ليبك عليك اليوم من كان باكيًا
توفيت السيدة صفية بنت عبدالمطلب (رضي الله عنها) سنة عشرين هجرية (640 م) في خلافة عمر بن الخطاب (رضى اللَّه عنه) ولها من العمر ثلاث وسبعون سنة، ودفنت في مدافن أهل المدينة بالبقيع في دار المغيرة بن شعبة </td></tr></table> |