الدولة : عدد المساهمات : 1001 تاريخ التسجيل : 16/09/2012 العمر : 37 الموقع : https://b7ta.yoo7.com
موضوع: همس فى اذن كل رجل وتعدد الزوجات الإثنين أكتوبر 15, 2012 2:43 pm
لم يشرع الله (عز وجل) الشرائع لعذاب البشر أو تكدير حياتهم، إنما شرعها لمصلحة الأفراد والمجتمعات، وإن كان في ظاهرها بعض المرارة أو الحسرة، وقضية التعدد واحدة من تلك الشرائع التي تهم النساء ولهم فيها صولات وجولات ما بين مؤيدات ومعارضات، فالمؤيدات يأخذن بظاهر النص في فرضيته ووجوبه، وبالتالي لا يجب التعليق عليه.
أما المعارضات، فيرين أنه رخصة، ورخصة مقيدة لا تترك لهوى الرجل ونزواته وشهواته، حيث يعتبره بعض الرجال سوطًا يسلطه على المرأة حينما يشاء، مهددًا ومتوعدًا، فلا تشعر معه بالاستقرار، أو الأمان.
ومن خلال علاقاتي، عرفت حالات كثيرة استخدم فيها الرجل ذلك الحق الذي أعطاه الله إياه، لكن ليس كما أراده المولى (عز وجل)، فمنهم من افتعل مشكلة مع زوجته قاطعها على إثرها ليبرر لنفسه استخدام تلك الرخصة دون تأنيب للضمير، ومنهم من تزوج دون علم زوجته، فإذا ما علمت وعبَّرت عما بداخلها من ألم وحسرة ولوعة انتقدها، وحرض عليها من حولها لتصبح هي الجانية لا المجني عليها، وربما زاد في طغيانه فطلقها، وآخر تزوج، ثم جاء ليعاير زوجته الأولى بنقائصها بعد أن عاشت معه مضحية حتى وصل إلى مركز مرموق، وهكذا يكون رد الجميل.
حالات متعددة ومتباينة لا نرى فيها للعدل مكانًا، تلك النماذج وغيرها جعلتني - مثل كثيرات من النساء - أقف ضد بعض حالات التعدد، وأعلن رفضي لها، لكني في الوقت نفسه أشعر بشيء في صدري، كيف أرفض ما أحله الله ورخصه، جلست أقرأ من جديد في تلك القضية فوجدت ما أراحني حتى وإن كنت - كأية زوجة - لا أقبل أن يشاركني أحد في زوجي، وهذا ما يتفق مع النفس البشرية السوية، حيث يقول صاحب الظلال في تفسير الآية الكريمة {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة}.
أي أنه إن خيف عدم العدل في التزوج بأكثر من واحدة تعين عليه الاقتصار على الواحدة، ولم يجز تجاوزها، ويضيف أن هذه الرخصة مقيدة، وهذا القيد يحمي الزوجة من الجور والظلم، ويحمي كرامتها من أن تتعرض للمهانة بدون ضرورة ملجئة، ويضمن العدل الذي تحتمل معه الضرورة ومقتضياتها المريرة.
ثم يقول: وإذا انحرف جيل من الأجيال في استخدام هذه الرخصة، وإذا راح رجال يتخذون من هذه الرخصة فرصة لإحالة الحياة الزوجية مسرحًا للذة الحيوانية، وإذا أمسوا يتنقلون بين الزوجات، كما يتنقل الخليل بين الخليلات، فليس ذلك شأن الإسلام، ولا هؤلاء يمثلون الإسلام.
هذه الكلمات الرائعة يجب أن تكون نبراسًا هاديًا لكل رجل يفكر في استخدام تلك الرخصة الربانية؛ حتى لا يكون صورة سيئة لرجال سيئين أساءوا لدينهم ولأنفسهم.