كن كالماء.. لا الدخان

الناس في هذه الدنيا صنفان: صنف كالماء شفاف
رقيق؛ لا يستغني عنه أحد، وصنف كالدخان خانق مزعج كئيب، لا يترك سوى السواد...
وعلى كل واحد أن يراجع نفسه ويراجع علاقته بمن حوله، ليرى من أي صنف هو.

كن كالماء صافيًا ورائقًا وطيب العطاءْ

كن كالماء طاهرًا مطهرًا ومزيل كل عناءْ

كن كالماء شافيًا وراقيًا ترياق كل داءْ

كن كالماء حانيًا وحاميًا وأصل كل نماءْ

كن كالماء دانيًا ولينًا بتواضع العظماءْ

كن كالماء عادلاً ومقسطًا ومكرمًا بسخاءْ

كن كالماء فالماءُ خير وحب وبذل ووفاءْ

كن كالماء يمكث في الأرض أو يصعد في السماءْ

كن كالماء لو غابَ يومًا صلت لأجله الأحياءْ

يناديه بشوق كل طفل وشيخ وبهيمة عجماءْ

وإن رحلَ يترك ذكرى خير وسيرة عطراءْ

كن كالماء تعش راضيًا ويعش مَنْ حولك في هناءْ

لا تكن دخانًا كئيبًا أسود وأخبث الخبثاءْ

يتسلل دون إذن بقبحٍ كالحية الرقطاءْ

يعلو بكبر ويزهو لوجوده في السماءْ

ودومًا ينسى أصوله وكيف إلى الدنيا جاءْ

من حرق ونارٍ وغِلٍ وشظى حروب شعواءْ

حين يحل تحنُّ كل عين للبكاءْ

تزكم لوجوده الأنوفُ ويجعل النفس عناءْ

لا قيمة لحياته فهو يفنى ويذهب هباءْ

مهما كسا الصبحَ وحجب النور والضياءْ

تبدد ظلمه وظلامهُ ويرحل في لحظة كالغثاءْ

يذهب ويترك خلفهُ كل بصمة سوداءْ

لا تكن دخانًا خانقًا يفر من وجهه الأحياء

فهو حقير تافهٌ لا يمحوه سوى الماءْ